البارد: تسليم الرزمة الأولى من المخيم القديم وثلاث مدارس تابعة لـ«الأونروا»
قبل انتهاء أحد أكبر المهرجانات الرسمية التي شهدها مخيم نهر البارد أمس،
حاولت أم ماجد التي كانت تدفع بكرسيّه المتحرك، الاقتراب من المنصة للحديث مع المعنيين
عن معاناة ابنها المعوّق حركياً، إذ تحرمه المعوقات من الوصول منزل العائلة باستقلالية،
خصوصا أن تنفيذ المباني لم يلحظ التجهيزات الهندسية المطلوبة، كما كان مقررا. لكن منظمي
حفل افتتاح الرزمة الأولى في المخيم القديم، وانتهاء إعمار «مجمع الأونروا التربوي»،
حالوا دون وصول شكواها.
وكان المخيم قد شهد مهرجانا أمس، نظم برعاية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وحضور
وفود دبلوماسية وشخصيات سياسية، ولم يخل من الانتقادات حول تنفيذ المباني، ومن بعض
الشوائب، خصوصا لجهة الشعار الذي تضمنه كتيب وزعته «الأونروا» على الحضور، كتب عليه
«إعادة الكرامة»، ما اعتبر البعض أن فيه نوعاً من الإساءة في التعبير. وأتى المهرجان
مكملاً في الشكل، لمهرجانات أخرى أعدتها الوكالة منذ انطلاقة ورش إعادة الإعمار، وعودة
النازحين إلى القسم القديم من المخيم، إلا انه في المضمون حمل مؤشرات بالغة الأهمية
على الصعيد السياسي من خلال تأكيد ممثل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزير الشؤون الاجتماعية
وائل ابو فاعور على أن «الحكومة لن تألو جهدا من استكمال الإعمار، وإنهاء معاناة أبناء
البارد»، وهو ما اعتبرته أوساط فلسطينية، أنه «بات أمراً واقعاً بفعل ترجمته العملية
على الأرض، خلافاً للشعارات السياسية التي رفعت على مدى أربع سنوات، حول النزوح المؤقت
والعودة الحتمية».
وجاءت الكلمات التي ألقيت في المهرجان الخطابي الذي سبق حفل الافتتاح تحت
عنوان «البارد بيرجع بأهله ولأهله»، مطمئنة الحاضرين، وممثلي الفصائل الفلسطينية، الذين
كان قسم منهم قد نفذوا وقفة احتجاجية خلال الاحتفال، للمطالبة بإلغاء التصاريح والحالة
الأمنية، وتأمين الأموال اللازمة لاستكمال الإعمار، وقاطعوا مرارا المتحدثين بهتافات:
«لا سلام ولا استقرار بدون عودة الاعمار»، «يا حكومة وينك وينك التصاريح قدام عينك»،
«يا خليج وينك وينك البارد جريح قدام عينك». إلا ان بعض الكلمات حولت حالات الغضب إلى
هتافات تأييد، وخصوصا بعد انتهاء كلمة أبو فاعور، ومدير الإدارة الفنية في «الصندوق
السعودي للتنمية» حسن العطاس، الذي أعلن عن تبرع السعودية بمبلغ عشرة ملايين دولار
أميركي لاستكمال الإعمار.
واستهل الاحتفال الذي أقيم في الهواء الطلق قرب إحدى مدارس «الأونروا» عند
شاطئ البحر، باستعراض راقص من «فرقة الكوفية الفلسطينية». واعتبر أبو فاعور في كلمته
أن «المخيم أريد منه أن يكون منطلقاً للفتنة وللتمرد على الأمن، ولكننا اليوم نلتقي
لنطوي تلك الصفحة السوداء من تاريخ لبنان في علاقته مع الفلسطينيين، ولنتجاوز سوياً
أصعب الاختبارات في تاريخ علاقاتنا»، لافتاً إلى أن «معاناة مخيم نهر البارد لم تنته
بعد، وما حصل حتى اليوم خطوة أولى تحتاج إلى مزيد من خطوات أخرى مماثلة».
وأشارت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان إنجيلينا إيخهورست الى أن «الاتحاد
الأوروبي أعطى هبات للأونروا بقيمة 250 مليون دولار، أي ما يعادل تقريباً نصف موازنة
الوكالة، ما يجعله أكبر ممول لها»، مطالبة «الممولين والجهات المانحة بضرورة دعم الأونروا،
التي سنوقع لها غداً (اليوم) هبة جديدة مقدمة من الاتحاد الاوروبي بقيمة 12 مليون دولار،
من أجل تأمين بدلات الإيجار، ولتنفيذ مشاريع البنى التحتية في المخيم».
واعتبر السفير الفلسطيني في لبنان عبد الله عبد الله أن «مخيم نهر البارد
دفع ضريبة مجموعة إرهابية دخلت إليه بقوة الأمر الواقع وخطفته من أهله المسالمين، وأخذته
إلى ما لا يرضى أهله، موقعة فيه دماراً كاملاً للبنية الاقتصادية والاجتماعية للمخيم»،
لافتاً إلى أن «أهم الدروس المستفادة من الأحداث الأليمة التي شهدها المخيم هي أن نتمسك
بالمنطق في أوقات الشدة، وأن نستخدم إرادتنا المشتركة في مواجهة الدخلاء عن مجتمعنا
المسالم التواق إلى العيش بوئام وسلام، إلى حين عودته إلى أرض الآباء والأجداد تطبيقاً
للقرارات الدولية ذات الصلة».
وقال المفوض العام لـ«الأونروا» فيليبو غراندي: «انتهينا من إعمار 269 منزلاً
جديداً وتسليمها للعائلات التي تمكنت أخيراً من العودة، إذ عاد ما يقارب 1200 فلسطيني
حتى الآن إلى المخيم، كما افتتحنا أيضاً 56 متجراً جديداً و3 مدارس جديدة، وهي تعد
ضرورية من أجل إعادة إحياء المخيم، ومع ذلك لا يزال هناك حاجة لعمل كثير قبل أن يتمكن
المخيم من العودة للازدهار كما كان في السابق».
وأكد العطاس في كلمته أن السعودية «تولي أهمية قصوى للقضايا الإنسانية وتمويل
عمليات الإغاثة، وخاصة القضية الفلسطينية وعلى كل المستويات»، لافتا إلى أنها «قدمت
في السنوات الأخيرة دعماً بقيمة 3 مليارات دولار لدعم السلطة الفلسطينية، ولتنفيذ مشاريع
في الأراضي الفلسطينية، كما تؤكد المملكة دعمها وكالة الأونروا، وتقديم الخدمات المباشرة
إلى الفلسطينيين، وهي تقدم للأونروا دعماً سنوياً بقيمة 61 مليون دولار من أجل دعم
الشعب الفلسطيني على كل المستويات»، معلناً عن تقديم السعودية «تبرعاً بقيمة 10 ملايين
دولار من أجل إعادة إعمار مخيم نهر البارد».
وقال مدير «صندوق أوبك للتنمية الدولية» سليمان بن جاسم آل حربش: «في عام
2002 فتحنا حساباً خاصاً يُغذى بأموال لمساعدة الشعب الفلسطيني، لأن دعم القضية الفلسطينية
جزء لا يتجزأ من برامج وخطط دعمنا وتحظى بالأولوية لدينا، لأنها قضية تجري في عروق
كل عربي»، لافتاً إلى أن «العيد الحقيقي هو عندما نغلق المخيمات الـ 59، ويعود النازحون
إلى ديارهم».
وبعد رسالة شكر وجهها طالبان فلسطينيان من المخيم، اختتم الاحتفال مع الفنان
أحمد قعبور، قبل أن يُقص شريط افتتاح الرزمة الأولى، وثلاث مدارس تابعة لـ«الأونروا»
في المخيم.
المصدر:السفير
|