«مسيرات العودة» لإنقاذ «الأونروا»!
سامي حمود *
ربما يستغرب الكثيرون من طرح فكرة أن
تنظيم مسيرات العودة تُساهم في إنقاذ الأونروا، بعد أن فشل مؤتمر روما في الوصول
للهدف المنشود ذاته. إذ أن النتائج المخيّبة التي خرج بها المؤتمر والقائمين عليه
لم ترتقي لمستوى الأزمة، فمن أصل 90 دولة مشاركة في المؤتمر، لم يتم جمع سوى 100
مليون دولار فقط من قيمة المبالغ المطلوبة لسد العجز في ميزانية الأونروا المقدّر
بــ 446 مليون دولار!.
في المقابل، باشرت المفوضية العامة
لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا"
بالإيعاز لإداراتها في الأقاليم الخمسة التي تُقدّم فيها الخدمات لمجتمع اللاجئين،
ببدء تسويق فكرة "خطة التقشف"، والتي تندرج ضمن سياسة تقليص الخدمات
التي تنتهجها الوكالة منذ فترة طويلة. واليوم أصبحت أمراً مطلوباً من وجهة نظرها
وعلى المجتمع المحلي الفلسطيني في مناطق اللجوء الخمسة تفهم هذه الإجراءات
والخطوات التي أعلنت عنها الوكالة، والتي قد تُقدم عليها في المستقبل القريب.
هنا يبرز السؤال.. هل المجتمع الدولي
أصبح عاجزاً أمام سداد المبلغ المطلوب لميزانية الأونروا؟ أم أن الأمر مرتبط
بمشروع "صفقة القرن" ضمن رغبة الإدارة الأمريكية، والتي تتقاطع مع
المصالح الصهيونية، في إنهاء عمل وكالة الأونروا وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين
وشطب حق العودة نهائياً؟!
فإذا كان المجتمع الدولي عاجزاً أو
انصاع للرغبة الأمريكية، فالشعب الفلسطيني لا يزال يمتلك الكثير من أوراق القوة
التي تُمكّنه من الحفاظ على ثوابته الوطنية واستعادة حقوقه السياسية والإنسانية،
وفي مقدمتها التمسك بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لفلسطين، وعدم التنازل عن حق عودة
اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم الأصلية في فلسطين قبل النكبة عام 1948، فضلاً عن
تمسك اللاجئين الفلسطينيين بوكالة الأونروا كشاهد دولي على النكبة ومسؤول مباشر عن
إغاثة وتشغيل اللاجئين حتى يتم تحقيق العودة الكريمة.
ونقف هنا.. عند ورقة من أوراق القوة
التي يمتلكها الشعب الفلسطيني، والتي تدخل ضمن سياق المقاومة الشعبية التي هي
مكمّلة للمقاومة المسلحة، ونعني بها "مسيرات العودة" التي نظّمها حشود
الشعب الفلسطيني بمسيرات مليونية بتاريخ 15 أيار 2011، على حدود الوطن من خارج
فلسطين (الأردن وسوريا ولبنان)، ومن داخل الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة.
واليوم بدأت الاستعدادات لتنظيم "مسيرات العودة الكبرى" في تلك المناطق
وخصوصاً في قطاع غزة، التي حددت الجهات المنظّمة تاريخ 30 آذار (مارس) ذكرى يوم
الأرض موعداً لإنطلاقها. والجدير ذكره أن "مسيرات العودة الكبرى" ستستمر
على شكل فعاليات دائمة في "خيم العودة" التي يتم نصبها على طول الحدود
مع مدن فلسطين المحتلة عام 1948 حتى تاريخ 15 أيار (مايو) 2018، ذكرى إحياء
سبعينية النكبة.
لا شك أن الكيان الصهيوني يرتقب بقلق
شديد لما قد تُحدثه "مسيرات العودة الكبرى" من تهديد مباشر لأمنه، في ظل
تنامي قوة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، مع رفض وغضب شعبي وسياسي فلسطيني
وعربي وإسلامي لما أقدمت عليه الإدارة الأمريكية من اعتراف باطل بحق مدينة القدس
وإضعاف مقصود لعمل وكالة الأونروا. لذلك أعتقد أن ما عجزت عنه إرادة المجتمع
الدولي، ستنجزه "مسيرات العودة الكبرى" كأبلغ رد من الشعب الفلسطيني على
كل قرارت ترامب.
* مدير منظمة ثابت لحق العودة
|