الكحل سيوصلنا
للعمى.. مع الأونروا!
بقلم: سامي
حمود
المثل الشعبي السائد
يقول "الكُحل ولا العمى" وأيضا مثل آخر "شي أحسن من لا شي"، ربما
تكون هذه الأمثال معبّرة عن الواقع الذي وصلت إليه الأمور بين وكالة "الأونروا"
وبين أصحاب الشأن "اللاجئين الفلسطينيين" الذين وقع عليهم الضرر الأكبر جرّاء
الأزمة المالية مؤخرا التي أحدثتها إدارة "الأونروا" نتيجة أدائها السيئ
وسياستها الخبيثة.
الكل كان يترقب
بحذر وقلق من القرار المصيري الذي سيصدر عن المفوض العام لوكالة "الأونروا"
بيير كرينبول حول قضية تأجيل العام الدراسي 2015– 2016 في مدارس "الأونروا"
في الأقطار الخمسة "الضفة، غزة، الأردن، سوريا، ولبنان"، وهي مجال عمل
"الأونروا"، معللا ذلك بعدم وجود تمويل كاف لسداد العجز الواقع في الميزانية
والذي قدّر بـ101 مليون دولار أمريكي. وقد سبق هذا الترقب للقرار الخطير، صدور سلسلة
من القرارات والإجراءات التقليصية لخدمات "الأونروا" بمثابة قرارات الإعدام
بحق اللاجئين الفلسطينيين.
الأمر الذي أنتج
حراكا شعبيا في معظم الأقطار وخصوصا في لبنان، لمواجهة هذه القرارات الجائرة بحقهم
والتي تسلبهم أبسط مقومات الحياة في لبنان، في ظل حرمان الحقوق المدنية والاجتماعية
والإنسانية للاجئين الفلسطينيين من قبل الدولة اللبنانية. هذا الحراك الشعبي ساهم في
إيجاد مناخ ضاغط ضد سياسة "الأونروا" الرامية إلى تقليص الخدمات بشكل تدريجي
ممنهج للوصول إلى إنهاء عملها بالمطلق.
وما شهده واقع
اللاجئين الفلسطينيين مؤخرا من زيادة نسبة الهجرة الفردية من لبنان إلى دول أوروبا،
يُدلل على هذا المنحى الخطير في سياسة "الأونروا" والدول المانحة، بهدف إفراغ
المخيمات الفلسطينية من أهلها والمساهمة في إضعاف قضية اللاجئين والعمل على تصفيتها
وشطب حق العودة.
وللأسف، ما إن
أعلن المفوض العام لوكالة "الأونروا" عن بدء العام الدراسي في موعده كما
هو، شعر اللاجئون الفلسطينيون بالاطمئنان على استمرار التعليم لأبنائهم واطمأن الموظفون
على استمرار عملهم، ولكن لم يشعروا أن هذه الاستمرارية هي بمثابة الكُحل المسمّم الذي
سيوصلنا إلى العمى والجهل التام. والسبب هو السكوت على قرارات "الأونروا"
الجائرة بحق العملية التربوية في مدارسها، من زيادة القدرة الصفية إلى 50 طالبا وتقليص
عدد المدرسين وخصوصا المساعدين وسياسة الدمج بين الطلاب "فلسطينيي لبنان وفلسطينيي
سوريا" بغياب رؤية واضحة للنهوض بواقع التعليم وتحسين مستوى الأداء والنتائج.
بالإضافة إلى تقليصات خدمات "الأونروا"
على صعد أخرى مثل إيقاف مساعدات بدل الإيجار للعائلات الفلسطينية من سورية وبرنامج
الطوارئ لسكان مخيم نهر البارد والإعلان عن وجود تقليصات على المستوى الصحي مع بداية
العام 2016، والتلويح بإقفال المدارس الثانوية في السنة الدراسية 2016- 2017 في ظل
استمرار العجز المالي.
وبالرغم من إدراك اللاجئين الفلسطينيبن خطورة قضية تقليص خدمات
"الأونروا" على الواقع الإنساني والاجتماعي والاقتصادي، إلاّ أن حجم التفاعل
والحراك الشعبي والسياسي لم يصل للمستوى المطلوب الذي يستطيع مواجهة سياسة الأونروا
والضغط عليها ووقف مخططاتها التدميرية لواقع اللاجئين الفلسطينيين. فمن غير المقبول
أن يبقى شعبنا الفلسطيني في مناطق اللجوء، وخصوصا في لبنان، تحت رحمة "الكُحل
ولا العمى"!
المصدر: عربى21
|