ثابت : الإبن الثامن يلتحق بالخيمة
سيُسَجَّل في وثائق ولادة "جهاد" بانه جاء الى
الدنيا وعائلته تعيش في واحدة من خيم التهجير القسري من مخيمات سورية الى لبنان،
في واحدة من تجمعات الفقر والبؤس للاجئين الفلسطينيين المهجرين والتي لا تصلح
للسكن حتى لغير الآدمي.
وصل محمود أبو ناصر "أبو باسل" لبنان قادماً
من مخيم سبينة في دمشق بتاريخ 12/5/2013 على أمل أن يلقى مكاناً آمناً له ولزوجته
وأبنائه السبعة، وليحظى بشيئ من الكرامة الإنسانية، خاصة أن أبو باسل لاجئ فلسطيني
من قرية النويرية قضاء صفد، كتب له أن يعيش التهجير مجدداً كما الآلاف من اللاجئين
الفلسطينيين القادمين من سورية الى لبنان، لعل تكرار التهجير واللجوء يشفع له أمام
مستقبليه ويلبي حاجاته وأولاد وزوجته الحامل التي تستعد لاستقبال مولودهما الثامن
وهي تعاني من مرض الربو وبحاجة الى "بخاخة" كل أربعة أيام تقريباً، فأبو
باسل ليس لديه أقارب أو معارف في لبنان يلجأ إليه، ليستقر به المقام في خيمة ليس
لها من الإسم سوى الهيكل يستر بها نفسه وأولاده، مهنة الرجل "معلم بلاط"،
"كانت كافية لتسد رمق العائلة في مخيم السبينة" كما يقول، أما الآن "فأنا
متوقف عن العمل منذ أن حطت بي رحال التهجير في خيمة من خيام "تجمع
الكرامة" الستين القريب من مخيم عين الحلوة بانتظار أي فرصة عمل ولو بالمقابل
القليل"، ويضيف "أمضي وقتي بالتنقل بين الخيم وبالتفكير في المستقبل
وكيف سألبي حاجة عائلتي من طعام وشراب وكساء وغيرها من الاحتيجات الضرورية، والتكيف
مع هذا الحال صعب للغاية". أبو باسل كغيره من المهجرين أصبحت أسماؤهم ضمن
سجلات "الاونروا" والمؤسسات واللجان و"دائماً أنتظر المساعدات وما
تجود به الأيادي الرحيمة مشكورة، ولكن مشكلتنا الرئيسية في فقدان الخصوصية في
حياتنا والإيواء المناسب ومستلزمات الحياة الكريمة من توفير للمراحيض وأماكن للإستحمام
ورش المبيدات وبنى تحتية من مياه الشرب والكهرباء ومجاري وغيرها..".
ليل 30/6/2013 تاريخ لم يعتد أن يمر على أبو باسل بهذا
الشكل وبهذه الظروف القاسية، وهو صاحب التجربة لسبعة مرات، يسارع بطلب النجدة من
الخيم المجاورة فقد حان قدوم المولود الجديد ليتم الإتصال بالإسعاف وتنقل المرأة وعلى
عجل الى مستشفى الهمشري التابع للهلال الأحمر الفلسطيني لتضع مولودها الذكر الرابع
ليتساوى عدد الذكور مع عدد الإناث، أكبر الأبناء ولاء "18 سنة"، يليها
باسل "16 سنة"، ثم نجلاء "15 سنة"، ثم اسراء "13
سنة"، بلال "12 سنة"، محمد "7 سنوات" وجاء جهاد بعد 5
سنوات على ولادة اسماء، ليعود الرجل وزوجته ومولودهما الجديد الى "خيمة
الكرامة"، ليجتمع الأصدقاء الجدد حول الحدث الذي يعطي بشرى خير للأهالي الذين
ينتظرون بفارغ الصبر أن تهدأ الامور في مخيماتهم في سورية ويعودوا هناك لممارسة
حياتهم الطبيعية بانتظار عودتهم الى بلادهم في فلسطين.
"ترى ما الحكايات التي سأرويها لجهاد عندما يكبُر"
يقول الأب، "هل عن حياتنا اليومية كلاجئين في مخيم سبينة، أو عن قصف منزلنا،
أو خروجنا بثيابنا وما حملناه على عجل من متاع فقدنا نصفه في الطريق، أو ما قاسته
والدته خلال رحلة لجوئنا التي استمرت يومين بين دمشق ولبنان، أو عن معاناتنا
اليومية في هذه الخيم التي تشابهت مع خيم نكبة فلسطين قبل 65 سنة، أو كيف كنا نقضي
أوقاتنا كعائلة من عشرة أفراد في خيمة واحدة هي مكان للنوم وتناول الطعام والإستقبال..."
ليضيف "أحاول أن أوثق يوميات ما يجري معي وحولي، لكن وإن لم أسجلها على الورق
لكنها ستبقى محفورة في العقل والوجدان". ويتمنى أبو باسل "ألا يتكرر ذكراها
في المستقبل وألا تتحول الى ذاكرة شفوية فلسطينية جديدة".
ثابت لحق العودة
22/7/2013
|