يشهد العالم العربي تغييرات واسعة تطال أنظمة بكاملها حكمت البلاد لعشرات السنين، وقد انطلقت الشرارة من تونس مرورا بمصر واليمن لتمتد شرارتها الى الجمهورية العربية السورية. وبطبيعة الحال ونتيجة لمرارة النتائج التي لاقاها شعبنا الفلسطيني من تشريد وطرد وقتل وتهجير نتيجة تدخله في شؤون الدول الداخلية سواء في لبنان او حرب الخليج الثانية او الاردن او ليبيا قرّر النأي بالنفس وانتهاج سياسة الحياد الايجابي.

ففي لبنان على السبيل المثال، زُج الفلسطيني في اتون الحرب الاهلية، فما كان من اللبنانيين الا ان أجتمعوا في الطائف- السعودية في العام 1989، وحلت الخلافات بين مختلف اللبنانيين باستثناء الفلسطيني الذي حُمِّل وزر الحرب ولا يزال يدفع الثمن حتى يومنا هذا.

وكمحصلة اتخذت الغالبية العظمى من الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، وعموم اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج قرارا بعدم التدخل بالأزمة السورية. الا ان مسار الاحداث جاءت بعكس التوقعات، ليسقط حتى تاريخ كتابة هذه السطور 851 شهيداً فلسطينيناً منذ إندلاع الأحداث في آذار-2011، عدا عن النزوح الهائل للاجئين الى الداخل السوري او اللجوء الى دول اخرى مثل لبنان والاردن وتركيا ومصر وغزة وليبيا..، وكأن قدر الفلسطينيين أن يبقوا حاملين أمتعتهم نازحين من مكان الى مكان. فقصتهم مع اللجوء التي بدأت بطردهم من أراضيهم من فلسطين على ايدي العصابات الصهيونية ابان النكبة في العام 48، لا تزال مستمرة، في رحلة لن تنتهي إلا بعودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها.

ولذلك سيتمحور هذا البحث حول موضوع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وقضية لجوئهم الى لبنان في ظل ما تمر به سوريا من ازمة لم تشهد البلاد مثيل لها لاكثر من ثلاثة عقود قد خلت.