منظمة ثابت لحق العودة
 
الصفحة الرئيسية من نحن إتصل بنا
حراك ثابت
أخبار ثابت
بيانات ثابت
حراك إعلامي
إصدارات ثابت
محطات على طريق العودة
تقارير ثابت الإلكترونية
إبداع لاجئ
أرشيف ثابت
صدى اللاجئين
حملة انتماء
حملة العودة حقي وقراري
مبادرة مشروعي
مقالات العودة
تقارير وأبحاث
انضم لقائمة المراسلات
 
 
صفحتنا على الفايسبوك
عضوية منظمة ثابت في إتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي
 

فساد الانروا على عمق 328 مترا


مياه الشرب والطبخ عبء يومي فرض على أبناء الجليل في بعلبك

مع كل صباح فلسطيني، يسارع أبناء مخيم الجليل لشراء غالونات مياه الشرب. عبء مالي جديد بسبب تحول بئر الانروا الى مجرور صحي اقفله الاهالي خوفا من الاوبئة. هكذا، لم يجد العطاش المفلسون الا ورقة النعي ليعربوا بواسطتها عن غضبهم من قصور «الانروا» عن معالجة تلوث بئرهم أو حفر بئر جديدة بدلا منها

رامح حمية

بعلبك | «الله لا يوفقهم... حتى الماي طريقة ليذلّونا فيها»، هذا ما قالته الحاجة منى وهي تحاول الصعود، بثقل واستياء ظاهر، درج المبنى الرئيسي لمخيم الجليل في بعلبك حيث تسكن في الطابق الثاني منه. بضع درجات وتتوقف السيدة الخمسينية. تحاول التقاط أنفاسها بصعوبة وهي تقول «الحمل ثقيل وما في مين يساعدني». فشراء غالوني مياه للشرب والطبخ يومياً «شر لا بد منه في الجليل، خصوصاً «بعدما حذّرونا من الشرب من مياه بئر الإنروا الملوثة، واللي نعوها من كم يوم» كما تؤكد ضاحكة لبرهة. تتوقف مجدداً لتمسح حبات العرق عن جبينها بطرف منديلها، ولتضيف: «هادي ضريبة جديدة مطلوب منا كفلسطينيين أن ندفعها بالوقت اللي الدني موت احمر من الشوب.. والخنقة اللي عايشينها بالمخيم مع هالفقراء المهجرين من سوريا». تكمل الحاجة منى صعودها بتأنٍ، متمتمة بكلمات تلعن فيها «أبو هالعيشة اللي وصلنالها».

المخيم بأزقته وساحته الرئيسية، يشهد حركة نشطة أشبه بخلية نحل. تزدحم تلك الدروب الضيقة بفتية ونسوة، يجمع بينهم تلك الغالونات الشفافة سعة العشرة ليترات التي يحملها غالبيتهم. بعضهم اشتراها من الدكاكين الداخلية للمخيم، فيما البعض الآخر من تلك المنتشرة خارجه وعند المدخل الرئيسي. بين هؤلاء ثمة من امتهن على عجل بيع مياه الشرب بعد أن يستقدمها بخزان بلاستيكي من أحد آبار المياه في مدينة بعلبك، «حتى نساعد أهلنا بالمخيم وكمان اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، ونبيعهم الغالون بـ500 ليرة بدلا من ألف كما بالمحلات» يقول الشاب العشريني.

وحكاية لاجئي مخيم الجليل في بعلبك مع تلوث مياه البئر الأرتوازية، ليست جديدة،بل هي اشبه بحكاية «إبريق الزيت» التي لا تني تتكرر منذ سنوات وسنوات، إلى أن كان قرار أبناء المخيم واللجان الشعبية «بنعي البئر وإقفالها وتحذير الأهالي من مخاطر شرب مياهها واستعمالها الا للحاجة المنزلية» كما قيل لنا هنا. ولذلك من يزر البئر اليوم، وهي مجاورة لمبنى الإنروا، يجد انها قد أقفلت جيداً بعد «أن سقطت ضحية المفسدين والمرتشين في مافيا الإنروا»، كما كتب على جدار البئر المقفلة، مع عبارات نعي ملؤها «الأسى واللوعة والمياه الملوثة»، والإعتذار عن عدم تقبل التعازي. هكذا عبّر أهالي مخيم الجليل عن سخطهم لطريقة «التسويف والمماطلة» من قبل الإنروا في معالجة مشكلة المياه الملوثة في البئر منذ «تفاقمها» في تموز2011. عمر قاسم أمين سر اللجنة الشعبية لمنظمة التحرير الفلسطينية أوضح في حديث لـ«الأخبار» أن الخطوة التي اتخذت بمنع استعمال مياه البئر «ليست كيدية أو استفزازية»، وإنما «لمنع انتشار وباء داخل المخيم، قد يفتك بأكثر من 6000 شخص من أهله والمهجرين الفلسطينيين السوريين إليه» يقول الرجل بأسى.

الواقع المرير في مخيم الجليل، وعدم قدرة بعض العائلات الفقيرة على شراء مياه الشرب، بالإضافة إلى «مماطلة الانروا وتسويف الوقت على مدى اشهر بأنها ستعالج، ومن ثم فشلها في كل مرة، دفعنا إلى اتخاذ خطوة إقفال البئر وتحذير أهلنا من شربها أو الطبخ بها»، مستطرداً «وبما إنو الإنروا ما رح تشتري غالونات ماي للناس نطالبها بالعمل سريعاً على حفر بئر جديدة تكون مياهها صالحة للشرب، وأن مبلغ 23 مليون التي تدفعها الإنروا إلى مؤسسة مياه البقاع لقاء ضخ كمية محدودة من مياه بئر المسلخ إلى المخيم، كفيلة بحفر بئر جديدة» يقول.

يقر كارم طه أمين سر اللجان الشعبية لقوى التحالف، المتابع لملف بئر المخيم، بأن الإنروا وأمام المطالبات العديدة عمدت إلى إرسال فنيين لدراسة البئر ومعرفة مصادر تسرب الصرف الصحي إليها، وآخرهم مهندس جيولوجي سويسري كشف على البئر، وارتأى إحضار كاميرا متطورة وأجهزة أخرى للكشف والمعالجة الجذرية. لكن المفاجأة بحسب طه تمثلت بالإضافة إلى عجز المهندس عن المعالجة «اكتشافنا مخالفات في تنفيذ البئر نفسها»، مشيراً إلى أن البئر التي اتخذ القرار بحفرها على عمق 450 متراً، ليصل إلى المياه الجوفية، لا إلى قنوات فرعية قد تجف وتتأثر بمحيطها، تبين أنها لم تحفر الا على عمق 328 متراً فقط. ومن المخالفات أيضاً أن قميص العزل الذي ينبغي أن يكون «بترسانة ترابة مدعمة بأكثر من 200 كيس ترابة»، تبين أنها عبارة عن «صبة باطون بعشرين كيساً فقط»!. بالإضافة إلى كل ذلك يضحك طه لدى إبرازه تقريراً صادراً عن الإنروا يشير إلى إنجازاتها خلال العام 2011، وفيه بند متعلق إنجاز حفر آبار في كافة المخيمات الفلسطينية وبأن «جميعها صالح للشرب، ومنها مخيم الجليل»، في الوقت الذي يؤكد فيه طه أن البئر حالياً عبارة عن مجرور صرف صحي، تغوص فيه حشرات يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ليس هذا فحسب بل ثمة نتائج لتحاليل مخبرية من عدد من المستشفيات البقاعية ومصلحة الأبحاث العلمية والزراعية ـ تل عمارة، تثبت ذلك موجودة. «قرار إقفال البئر صعب، ولكن درجة الخطورة عالية جداً» بحسب طه، «ولدينا كل الحرص كلجان شعبية على أهلنا بالمخيم واللاجئين اللي بضيافتنا».

لا ينكر مصدر مسؤول في الإنروا، المعلومات عن تلوث مياه بئر المخيم وعدم إمكانية استخدامها للشرب، لكنه بالمقابل شدد على أن التلوث «ليس دائماً»! أي؟ بمعنى انه يشتد مع بداية الشتاء، وأن بالإمكان استخدام مياه البئر بعد تعرضها لدرجة غليان معينة! وماذا ايضا؟ يقول أنه على أبناء المخيم «الإنتظار ريثما يكمل المهندس المكلف معالجة مشكلة البئر. وبالطبع لا يرى المسؤول «تقاعساً في معالجة المشكلة، فالانروا لم توفر وسيلة في سبيل ذلك»، مشدداً على أنه «من غير الممكن» للوكالة حالياً حفر بئر في الجليل في ظل «حالة الطوارئ» التي تعيشها سائر مخيمات لبنان.

جريدة الاخبار،25/09/2012

 
جديد الموقع: