اللاجئون الفلسطينيون وحصاد 2011.. أفـق العـودة
مـاجد الزيـر
لم يكن اللاجئون الفلسطينيون في حال نشوة وتجدد الأمل بالعودة إلى فلسطين كما هو حالهم طوال أيام هذا العام. فالأحداث والمتغيرات على صعيد القضية الفلسطينية والمحيط العربي والعالمي، مما يمكن وصفه بسلسلة زلازل متتالية، أكبر من أن يستوعبها العقل البشري بفهمه التقليدي في حدوث التغيير الطبيعي في الأشياء. ما كان لأمهر الخبراء، من الدارسين لمآلات الأمور في المستقبل والنافذين في الشؤون السياسية والعالِمين في بواطن الأمور، أن يتنبأ بعشر معشار ما حصل.
طالما جابَهَ اللاجئون الفلسطينيون خلال ما يزيد عن الستة عقود الماضية عملية تَيْئيس مبرمجة، مارسها الجميع حولهم من دون استثناء، ومنهم بعض أبناء جلدتهم. فالمشهد المرسوم أمامهم مليء بالأبواب المؤصدة، وعالم المستحيل هو عنوان قصتهم: لا مجال للعودة. «إسرائيل» أمر واقع، وهي مدعومة من قوى عالمية على رأسها الولايات المتحدة. الأرض لم تعد هي الأرض. المحيط الإقليمي غير مساند، وبعضه متواطئ. الوضع السياسي الفلسطيني منقسم على نفسه ولا أفق مستقبلياً لالتئامٍ يُفضي إلى استراتيجية وطنية تُرجع الحقوق. واكب ذلك كله تضييق على سبل المعيشة بكافة أشكالها وحيثما وُجد بالعموم.
عدة معطيات حَوَتها السنة الماضية عنَت كثيراً للقضية الفلسطينية ومسألة اللاجئين منها، فصبر اللاجئين ورهانهم على عامل الوقت الذي سيُحدِث متغيرات في عوامل مؤثرة سلباً في قضيتهم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر قد تحقق فعلاً. فسقوط النظام المصري بسرعة قياسية في مشهد بانورامي درامتيكي خلال 18 يوماً، بكل تاريخه الأمني المدعوم أمريكياً، والمتحالف مع الكيان الصهيوني، والذي تواطأ في تدجين المنطقة العربية لصالح المشروع الصهيوني وساهم في حصار الشعب الفلسطيني. هذا السقوط كان في نظر اللاجئين أصعب في بعض مفاصله من سقوط الكيان الصهيوني ورجوع اللاجئين ديارهم. وكذلك، تساهم الحالتان التونسية والليبية وأحداث المنطقة الأخرى في ضخامتها وسرعة حدوثها والحراك الجماهيري في التدليل على أن دوام الحال من المحال، وأن عالم المستحيلات في القواميس السياسية ليس وارداً بالمطلق.
فالمتغيرات أيضاً أثّرت بوضوح على الصعيد الفلسطيني. فتراجُع المشروع الصهيوني ما زال حاصلاً وبشكل متسارع، فهو لم يبدأ في هذه السنة، ولكنه تعمق خلالها. وهذا حاصل رغم قيادة اليمين الإسرائيلي لمقاليد الحكم. فحدوث توازن قوة داخل فلسطين التاريخية تدوم فيها حكومة «حماس» أربع سنوات ونصف، وفي سياق موازٍ تفشل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بكل إمكاناتها في العثور على جندي إسرائيلي أسير في أيدي المقاومة الفلسطينية، لم تطلقه سوى صفقة تبادل بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، كان في خانة الصعوبة بمكان.
الآمال في إمكانية العودة لم تقف عند هذا الحد؛ بل تعدّته في رسم مشهد العودة على أرض الواقع، حين توجّه اللاجئون بعشرات الآلاف نحو الحدود مع فلسطين في دول الجوار وخاصة لبنان وسورية، وبمجموعات كبيرة في الذكرى الثالثة والستين للنكبة في أيار (مايو) من هذه السنة (2011) بما تعارف عليه اللاجئون باسم «مسيرات العودة». وبدا للاجئين أن أمر العودة وارد جداً، وقد خرج –مع مسيرات العودة- من دائرة المستحيل.
لسان حال اللاجئ الفلسطيني وهو يعايش كل هذا وغيره خلال السنة الماضية وقبلها، يقول إن الإسرائيلي الصهيوني المغتصب، لم يتعامل مع مهمته التي كانت صعبة إلى حد الاستحالة في القدوم إلى محيط منسجم من كل النواحي، وزرع كيان غريب والنجاح في ذلك لفترة ليست قصيرة. فكيف يمكن أن يكون مستحيلاً أن يزيل أصحاب الحق هذا الباطل ويرجعوا لديارهم ويسترجعوا حقوقهم؟
أكدت الأحداث أن التفاؤل الفلسطيني له ما يبرره. |