شهادة امنة عيسى السعدي على النكبة
أنا من مواليد 1925. انا من دار سيدي عيسى، أبوي كان زعيم المغاربة كلهم، وسيدي
كان قاضي في طبرية، كان اسمه أبو السعدي، كان إلنا قيمة كبيرة بالبلد، أبوي كان زعيم
وعنده أراضي، كانوا فلاحين البلد يفلحوا ويشتغلوا ويحرثواعنده، وكان يعطيهم يبنوا دور
ويوخذوا الهم حواكير، حوالي 10-12 عيلة من بلدنا كانوا فلاحين عنده، هذول أجو من قرى
وبلاد جنبنا ومن نابلس وكانوا ساكنين عندنا، وتهجروا معنا بالـ 48.
إحنا ظلينا بالبلد مع كم عيلة للآخر. باقي أهل البلد وزعوا عيالهم من قبل، حتى
السركس وزعوا عيالهم على بلاد ثانية. أما إحنا ما طلعناش وما أخذناش لا قمح ولا شعير
ولا أغراض، كله ظل بالبلد وراح. يعني لما اليهود طوقوا البلد كان ناس صاروا مطلعين
عيالها وموزعينها. اليهود هجموا علينا أول يوم قبل ما تخلص الهدنة، واحد سركسي حكى
لأبو فتحي إنه اليهود مسميين بلدنا خط الدفاع، لأنه اليهود بدهم لوبيا، هناك كانت القيادة،
بلدنا صغيرة وما فيها إشي. أنا كنت بالدار، كنا نايمين، أجت واحدة من خواته لجوزي ودقت
على الشباك وقالت، محمود محمود اجو اليهود. أجا علي العبد الله قعد خاله يعني حماي، علي العبد الله ساكن اليوم باللد. طلعنا بالثياب
اللي علينا. جوزي حمل بنتين وقال لي خذي المصاري وراح عند أبوه وما بعرف وين راحوا،
طلعت من الدار ولقيت حماتي وخوات جوزي واقفات بالحوش عندنا، سألتهن وين راح محمود فقلن
لي أنه راح عند أبوه. بعدين جوزي محمود طلع مع بنات ثنتين وأبوه وراحوا من طريق، وأنا
حملت بنتي فتحية وطلعت من طريق ثانية. لما طلعت شفت اليهود صاروا بقلب البلد واقفين
على البوبرية، هاي عمارة كبيرة، قلعة قديمة عالية كانوا الأتراك عاملينها حبس، عند
دار عمي علي أخو أبوي، كانوا اليهود يشيلوا الذخيرة عن الأرض ويناولوا بعض على ظهر
البوبرية، أنا شفتهم بعيني. جينا فتحنا البوابة الشمالية وطلعنا، بدنا ننهزم على لوبيا،
لاقينا حماد المدني، هذا الزلمة اللي ابنه مات على البيدر، مشينا باتجاه لوبيا، واحنا
ماشيين سألت مرة حماد جوزها إذا أقعد احمد، قال لها أقعدته، هذا احمد كان شاب، يا حرام
ما إلوش عمر، كان نايم بالبيدر وبارودته جنبه، ما صحيش لما أبوه ناداه وظل نايم، لما
وصلنا عين السفلى سمعنا طلع من هناك صوت طخ، طلق واحد على بلدنا، فصاروا اليهود يطخوا
علينا ويرموا علينا قنابل، صرنا نحبي حبي، وأنا حاملة بين إيدي فتحية وعمرها 11 شهر
وكنت حامل بفتحي، كاتوا يضربوا قنابل والسهل كان يضوي منها، كان الوقت فجر قبل طلوع
الشمس، كنا احنا وجيراننا دار أبو مدني، وتصاوب السعدي ابن أخوي عبد القادر، كان شبيب
15-16 سنة، أجا إسعاف من لوبيا وشالوا اللي
تصاوب وأخذوه على لوبيا، كانوا شايفيننا من هناك، لوبيا كانت عاصمة كبيرة وفيها قيادة،
واحنا ظلينا نركض للوبيا، وجوزي مع البنات الثنتين ما بعرف شو صار معهم. كل هذا واحنا
صايمين. قلنا للقيادة العربية بلوبيا إنه اليهود هجموا على كفر سبت، قالوا طيب احنا
حالياً بهدنة، كمان يومين بتخلص الهدنة وبنرجعكم على بلدكم. [تم الاتفاق بين إسرائيل
والعرب بوساطة الأمم المتحدة على هدنة أولى بين 10.6.1948 – 9.7.1948]. قالوا لنا خليكم
هون. أبو صالح وحماد المدني وعمي عبدالله، أبو الشاب اللي أجا خبرنا إنه اليهود بالبلد،
ظلينا بلوبيا. أنا مع بنتي الصغيرة فتحية، وصرت أستنّى أبو فتحي والبنات، قلقت عليهم
وفكرت إنه اليهود قتلوهم. ، كمان السركس رحلوا عيالهم وكانوا ييجو على القرى اللي حوالينا،
وظل ببلدهم بس حرس، حوالي 30-40 واحد شباب. قررنا نمشي من لوبيا لطرعان ومن هناك للرينة،
أنا وعمي عبدالله كان إلنا قرايب بالرينة، أختي كانت متجوزة هناك، فقررنا نروح عندهم،
واحنا بالطريق صارت طيارة تضرب على لوبيا واحنا تخبينا داخل عبارة، يمكن كان آخر يوم
بالهدنة، اليهود كانوا بصنعوا فشك ويحضروا سلاح، بالطريق ميـّلنا على طرعان وارتحنا
عند ناس مغاربة ساكنين هناك من زمان وبعدين كملنا للرينة، ومرقنا من كفر كنا، كانت
الدنيا حامية وكنت صايمة، معي فتحية وكنت حامل الناس اللي معوا أفطروا لما كنا بطرعان،
أنا ظليت صايمة، بس بكفر كنا وقفنا عند العين وكانت ميّ النبع جارية، غسلت وجهي وشربت،
وراح صيامي. من العطش. بالطريق للرينة سألونا شباب من وين احنا، قلنا لهم شو صار، قالوا
كمان شويّ بتخلص الهدنة وبتيجي ذخيرة من الشام. بالرينة قعدنا يومين، بعدين قلت بدي
أروح عند أخوتي، كانوا طالعين قبلنا بشهرين من البلد وساكنين بالناصرة، كانوا ساكنين
ببيت كبير عند أدمون اسكندر، رحت وسكنت معهم. وأنا هناك سقطت الناصرة. كل الوقت أعيط
على بناتي، وبس بعد شهرين وأنا بالناصرة عرفت إنهم بالسركس. عرفت من ناس من السركس
أجو على الناصرة. قالوا شفنا ختيار من كفر سبت ببلدنا بالجامع اسمه صالح عبد القادر
كان يعيط لأنهم حبسوا ابنه ، يعني جوزي، ومعاه بنات ثنتين. وقتها بس عرفت إنه البنات
مع سيدهن هناك وإنه أبو فتحي محبوس. اليهود حبسوه لأنهم مسكوه بالبيت لما رجع عشان
ينام فيه بعد يومين من الاحتلال. هذول السركس قالوا إنه مش ممكن بهالأيام نجيب بناتك
هون أو إنك تروحي هناك، ممنوع. بس على الأقل تطمنت إنهم طيبين، بعد حوالي ثلاث شهور
عمي (حماي) بعث واحد من الرينة يناديني أشوف بناتي بالسركس، رحت وقعدت بالسركس حوالي
شهرين. كان عمي يروح بهذي الأيام على كفر سبت ويقطف ذرة ويجيب عشان نوكل. ثريـا أكبر
بنت كان عمرها 4 سنين وزهية 3 سنين. ابننا محمد مات وعمره سنتين ثلاث بكفر سبت. يوم
أجا واحد من السركس اسمه محمود الشاويش، كان يشتغل مع جيش اليهود، قال لعمي إنه ممنوع
نظل بالسركس لأنه اليهود قالوا ممنوع يظلوا فيها عرب. جابوا سيارة وحمـّلونا. سألوا
عمي وين بدك نوخذك؟ قال لهم حطوني بين الزيتون بكفر كنا. في واحد قرابتنا من كفر كنا
سمع إنه ناس من كفر سبت موجودين بين الزيتون وأجا يشوف، شاف عمي فصار يعاتبه ليش بعنـّد
ويظل بالبلد وما طلع مع أغلب الناس. رحنا معاه وسكنا بكفر كنا. أنا بعد يومين ثلاثة
جيت على الناصرة عند أهلي، أخذت بناتي ومشيت من كفر كنا للناصرة. كان أخوي الطيب وباقي
أخوتي صاروا تاركين البلاد، لما أنا كنت بالسركس، وظل بالبيت بس أمي وخالتي مرة أبوي
وأخوي الصغير مناد. ظليت بالناصرة وهناك خلـّفت فتحي، ظليت حتى طلع جوزي من الحبس وأجا
على الناصرة. سكنا مع بعض بالناصرة حوالي شهر وبعدين انتقلنا لكفر كنا. بعد بعشر سنين
جينا نسكن بالناصرة، اشترينا دونم أرض، سكنا بالأول ببراكية وبعدين عمرنا دار. بنينا
بدون رخصة لأنه الدولة رفضت تعطينا، قالوا ممنوع تبنوا، هاي أرض مصادرة. وبعد 6-7 سنين
صادروا الأرض ورحلونا، وأعطونا تعويض بس أنا انجنيت على هاي الترحيلة. وبعدها جينا
على هاي الحارة وسكنا هون.
المصدر: موقع هوية - موقع "ذاكرات"
|