منظمة ثابت لحق العودة
 
الصفحة الرئيسية من نحن إتصل بنا
حراك ثابت
أخبار ثابت
بيانات ثابت
حراك إعلامي
إصدارات ثابت
محطات على طريق العودة
تقارير ثابت الإلكترونية
إبداع لاجئ
أرشيف ثابت
صدى اللاجئين
حملة انتماء
حملة العودة حقي وقراري
مبادرة مشروعي
مقالات العودة
تقارير وأبحاث
انضم لقائمة المراسلات
 
 
صفحتنا على الفايسبوك
عضوية منظمة ثابت في إتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي
 

التوطين المقنّع وضع على نار حامية... فحذارِ

البلد:

يخطئ من يظن ان الاحداث المتلاحقة في الشرق الاوسط والتطورات العربية المتصدرة الاهتمام العالمي على المستويين الدبلوماسي والإعلامي، بدّلت شيئاً في مسار الصراع العربي-الاسرائيلي. فالقضية الفلسطينية ما زالت وستبقى القضية المركزية الأولى في الشرق الاوسط وفي أساس مشاكله وعدم استقراراه.

اللبنانيون منهمكون بأوضاعهم وخلافاتهم وصراعاتهم على السلطة وغافلون عما يجري حولهم ويحاك ضدهم. وانه لمن المستغرب حقاً ان تندلع معارك انتخابية سابقة لأوانها، ومعارك كلامية فارغة من المضمون الوطني تعكس حال الخواء السياسي الذي يعيشه لبنان، ومن المحزن والمؤسف ان تفتح منذ الآن ملفات الانتخابات النيابية على مصراعيها وعلى المستويات كافة ودخول بعض الاعلام والاعلاميين على خط هذا "البازار" من خلال مقالات وتحاليل وهمية وموجهة ومدفوعة الثمن أو بعبارة أوضح مدفوعة الأجر من هذا أو ذاك المرشح أو مشروع المرشح أو غيره من سياسيين مرشحين، وكذلك فتحت معركة رئاسة الجمهورية باكراً وبدأ اطلاق نار في كل الاتجاهات وسط جو مدلهم واوضاع خطيرة ودقيقة وحساسة تعيشها المنطقة بأسرها.

يحدث كل ذلك العراك الداخلي في وقت تشتد المخاطر حول لبنان وتطرق العواصف الإقليمية ابوابه من كل الجهات. وأبرزها والأكثر دقة وخطورة هو الآتي من الجهة السورية والتي تتواصل احداثها الدموية فصولاً رغم "خطة كوفي أنان وكل الخطط التي سبقت وستلحق" للحل السياسي، ويبدو ان سورية دخلت في ازمة طويلة ومعقدة يعرف الجميع كيف بدأت ولا أحد يعرف كيف ستنتهي ومتى، وهذه الازمة بدأت تلقي بظلالها الكثيفة والثقيلة على لبنان وتتسرب "اشعاعاتها" عبر توترات حدودية تأخذ اشكالاً مختلفة من التهريب والتسلل والخروقات كما تتسلل إلى الداخل اللبناني لتزيد الصراع والانقسام السياسي تأججاً وتهدد بتحويله إلى فتنة.

وإذا كانت سياسة النأي بالنفس ساهمت إلى حد بعيد في الحد من الانعكاسات السلبية للأحداث السورية وفي احتواء اضرارها واخطارها، فإن هذه السياسة تتعرض لخروقات واسعة من طرفي الصراع في لبنان بانحيازها الفاضح إلى جانب احد طرفي الازمة في سورية: النظام والمعارضة. وإذا لم يصر إلى وضع حد لهذه الخروقات بما يكفل الحياد الايجابي وفك الارتباط بين الازمة السورية والوضع اللبناني، فإن لبنان سيكون مهدداً عاجلاً أم آجلاً في استقراره السياسي والامني وايضاً في استحقاقاته الانتخابية وعملية الانتقال الديمقراطي للسلطة.

ان الخطر الناجم عن الازمة السورية المتمادية يشكّل الجانب المرئي من مخاطر المرحلة ويحجب اخطاراً اخرى غير مرئية ومتعاظمة اعتقدنا انها ولّت وطويت صفحتها، ولكنها في الواقع ما زالت قائمة وهي "حية ترزق". ولعل الأخطر بينها هو خطر التوطين الفلسطيني الذي ما زال كابوساً جاثماً على صدر هذا الوطن والذي كان سبباً اساسياً للحرب المشؤومة على لبنان وهاجساً يلازم اللبنانيين ويقض مضاجعهم... ويخطئ من يظن ان الاحداث المتلاحقة في الشرق الاوسط والتطورات العربية المتصدرة الاهتمام العالمي على المستويين الدبلوماسي والإعلامي ، بدّلت شيئاً في مسار وطبيعة الصراع العربي-الاسرائيلي. فالقضية الفلسطينية ما زالت وستبقى القضية المركزية الأولى في الشرق الاوسط وفي أساس مشاكله وعدم استقراره ، والحل السياسي لهذه القضية ما زال بعيد المنال طالما ان إسرائيل متنكرة للحقوق الفلسطينية الأساسية والمشروعة وأولها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة القابلة للحياة وحقه في العودة إلى ارضه.

عندما يتحدث الإسرائيليون عن يهودية دولة اسرائيل ويسعون إلى تحقيق هذا المشروع على ارض الواقع متذرعين بالتطورات العربية والإسلامية وحالة التطرف المحيطة بها وتضييق الخناق عليها، فهذا يعني ان اسرائيل شطبت حق العودة من قاموس الحل، وأكثر من ذلك باتت تبحث عن طريقة للتخلص من فلسطينيي العام 1948 المقيمين على ارضها والذين اصبحوا برسم التهجير القسري إلى خارج إسرائيل، وهذا إذا حصل سيزيد قضية اللاجئين الفلسطينيين حجماً وتعقيداً سيما وان الدولة الفلسطينية التي يجري التداول بها ما زالت مشروعاً وحلماً لا تتمتع بمقومات الدولة وبقدرات الاستيعاب.

المجتمع الدولي الغربي يلاقي ويساير الرغبة الإسرائيلية بإعلان يهودية الدولة ويتعاطف تماماً مع فكرة عدم منح اللاجئين الفلسطينيين حق العودة وعدم وجود إمكانية لتحقيق ذلك. ويجري تسويق عملية إبطال حق العودة لتجميلها وتمريرها ولتصبح مقبولة ومشروعة، من خلفية إزالة لغم رئيسي يعترض طريق التسوية وقيام الدولة الفلسطينية الموعودة. وبالتالي تصبح معادلة حل الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي على النحو التالي: من يرد التسوية السلمية وقيام الدولة الفلسطينية يجب عليه ان يتوقف عن المطالبة بحق العودة وان يدرك ان مسألة عودة الفلسطينيين إلى ديارهم ليست موضع تفاوض ومساومة ولا تشبه أياً من مسائل الوضع النهائي مثل الأمن والحدود والمستوطنات.

إن شطب حق العودة وتجاوزه في اي مفاوضات وتسوية، يوازيهما بالمقابل تثبيت الفلسطينيين في أماكن إقامتهم في الخارج وحيث هم وتوفير التقديمات والتسهيلات التي تصب في خدمة هذا الهدف. وبما ان لبنان يحوي العدد الأكبر من "فلسطينيي الشتات" الذين يشكلون فيه "جالية كبيرة" قياساً إلى عدد سكانه، فإن تكريس وترسيخ وتثبيت الوجود الفلسطيني في لبنان تصبح هدفاً مركزياً للمجتمع الدولي وخصوصاً للأميركيين والبريطانيين الذين ما زالوا "يأملون" بإيجاد حل للاجئين الفلسطينيين في لبنان لا يتضمن بند عودتهم إلى فلسطين المحتلة، وبتذليل العقبات التي تعترض مشروع التوطين الفلسطيني على الارض اللبنانية...

ليس متداولا أو مطلوبا في الدوائر والكواليس الدولية طرح موضوع التوطين بشكل صريح ومباشر في الوقت الحاضر عبر إعطاء الجنسية اللبنانية للفلسطينيين المقيمين في مخيمات لبنان وإعطائهم تبعاً لذلك حقوقاً سياسية، لكن العمل جارٍ من خلال ضغط من هنا ووعود ربيعية من هناك يمارسه بعض صناع القرار الدولي على كبار الساسة اللبنانيين من اجل إعطاء الفلسطينيين ما يسمى بحقوقهم المدنية والاجتماعية كاملة ومن دون قيود مثل حق التملك وحق العمل في كل المجالات والضمان الاجتماعي والصحي الخ... إضافة إلى تحسين حياتهم واحوالهم داخل المخيمات على المستويات الامنية والاجتماعية والاقتصادية والدفع باتجاه تشكيل قوة أمنية موحدة لحفظ أمن واستقرار المخيمات وتشكيل لجان شعبية هي أقرب إلى بلديات. وهذا إذا حدث سيؤدي إلى تثبيت الفلسطينيين في لبنان والوصول إلى "توطين مقنّع" تترتب عليه نتائج وعواقب وخيمة على تركيبة لبنان وتوازناته ونسيجه الاجتماعي والطائفي والديمغرافي.

 

"التوطين المقنّع" سينقلب مع الوقت إلى توطين فعلي كامل المواصفات والشروط بعدما يكون اللاجئون الفلسطينيون حصلوا على حقوق وتسهيلات تحت ستار "انساني"، وبعدما يكون قد توافرت للوجود الفلسطيني الدائم بيئة حاضنة ومشجعة على البقاء حيث هم. مشروع التوطين جارٍ على قدم وساق بعيداً عن الاضواء والإعلام وعن طريق الدبلوماسية السرية وهذا ليس تحليلاً بل معلومات ووقائع دقيقة... والساكت أو المتغاضي عن هذا الموضوع من السياسيين هو شيطان اخرس حتى لا نقول "خائن" اخرس.

هذا المشروع كان حاضراً على أجندات مسؤولين اميركيين وبريطانيين زاروا لبنان لأكثر من مرة في الآونة الاخيرة وطرحوا على مسؤولين لبنانيين فكرة التكيّف مع الواقع الجديد في المنطقة وتعزيز عملية الحوار اللبناني الجدي مع الفلسطينيين وإحداث تغيير جوهري اجتماعياً وسياسياً وقانونياً لماهية وطبيعة الوجود الفلسطيني في لبنان، وهذا مؤداه إرساء وضع نهائي للاجئين الفلسطينيين في لبنان بإسهام مباشر من الدولة اللبنانية عبر ورشة تشريعات متدرجة تؤدي في النهاية إلى استيعاب اللاجئين ودمجهم في المجتمع اللبناني.

هذا المشروع المشبوه وهذا التوجه المريب من جانب قوى دولية ناشطة على خط التوطين، يحتمان على اللبنانيين مسلمين ومسيحيين "8 و 14" آذار التصدي لمشروع التوطين بجدية وقوة بالتكافل والتضامن في ما بينهم وبإرادة وطنية سياسية صلبة. وأي تلكؤ أو تهاون في هذا الموضوع سيكون اولاً بمثابة خرق وانتهاك للدستور الذي نص في مقدمته على رفض التوطين والتقسيم، وسيؤدي ثانياً إلى اختلال المعادلة اللبنانية الدقيقة القائمة على توازنات ديمغرافية وطائفية وسياسية، وسترتب على لبنان ثالثاً اعباء إضافية لا طاقة له على تحملها بسبب امكاناته الذاتية الضعيفة ومساحته الصغيرة...

ان التشجيع على هذه الفكرة من قبل بعض كبار الزوار الاجانب يترافق مع حملة ترهيب وترغيب للسياسيين اللبنانيين، وبأنه من يقبل بهذا "الاقتراح المفخخ" ويسير فيه من الافرقاء أو القوى السياسية او الحزبية اللبنانية سيكون له كل الدعم وسيعطى السلطة والحكومة والاغلبية في مجلس النواب وحتى بعض الاحزاب المصنفة "ارهابية ومحظورة"، وفقاً للائحة الاميركية والغربية للارهاب، سيُرفع عنها الحظر الدولي و "الفيتو" وتصبح احزاباً يمكن التعاون والحوار معها في حال سارت بهذا المشروع، أما من يرفضه أو يحاول عرقلته فسيكون نصيبه الاقصاء عن جنة الحكم وسيواجه الويل والثبور وعظائم الامور.

اني متأكد وأعرف جيداً بأن كثيراً من كبار المسؤولين اللبنانيين يعرفون عما اتحدث وماذا اقصد وهم على علم بما يحاك. فكفى قولاً بأن موضوع التوطين هو "فزاعة" يستعملها البعض لتخويف اللبنانيين، ان التوطين هو هدف يعمل له الاميركيون وبعض الغرب بكل ما أوتوا من قوة... ونقطة على السطر.

فيا ايها السياسيون فلنعمل على معالجة هذا الموضوع الخطير بكل جدية وضمير وبعيداً عن المزايدات وزواريب السياسة الضيقة... فاستفيقوا من سباتكم العميق ولا تدعوا المشاريع المشبوهة تباغتكم، واحذروا من التوطين المقنّع والمموّه الذي يتسلل خلسة إلينا وأنتم نيام... فتوحدوا وتحاوروا وافشلوا هذا المشروع الخطير خدمة للبنان واللبنانيين وحماية لفلسطين وحقوقها وقضيتها.

 
جديد الموقع: