تقاسم وكالة الغوث
ولجنة تحسين خدمات المخيم
أحمد سعد الدين
/عمان
طرقات تملأها
مياه الصرف الصحي، وأحجام كبيرة من النفايات تنتشر على أبواب البيوت في المخيم، ومساكن
لم يفلح فيها تطور المدن ولا مبانيها الشاهقة في التخلي عن صفيح "الزينكو"؛
فالبيوت التي يسكنونها لا تحمي من حرّ الصيف ولا تنفع في الوقاية من برد فصل الشتاء.
وبالقدر الذي يتمكن فيه عدد من سكان المخيمات من تطوير مبانيهم، ممن توافرت له القدرة
المالية لذلك، تضيق المساحة التي يستهدفها التحسين، حتى اضطر الكثير منهم إلى الهروب
خارج المخيم، وبالتالي الاستغناء عن الخدمات التي تقدمها وكالة الغوث.
إلا أن هذا الأمر
تحكمت فيه عدة عوامل، أبرزها القدرة المالية والأوضاع الاقتصادية التي توصف بـ"الصعبة"،
حيث يعمل جزء كبير من أبناء المخيمات في القطاع الخاص وجزء آخر يعمل في دول الخليج
هرباً من واقع المخيم والوضع الذي يشكو الفقر والعوز إلى تحسين الوضع الاجتماعي.
طرقٌ تتمكن
بالكاد من السير بها بكل صعوبة؛ فالأطفال لا يزالون يلعبون حفاة، وغسل الملابس ينتشر
في الطرقات. بكل اختصار، هذا ما تحمله صورة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات التي
ترك بعضهم مكانها وانتقل للعيش في مكان آخر، ومنهم من بقي يجلس على أبواب ما يسمى مجازاً
مكاناً للسكن أو "بيتاً" ينظر إلى وضع المخيم وما فُرض عليه من أوضاع صعبة
للعيش.
ولا تختلف
حال اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات في الأردن عن وضعها السابق، عند لجوئهم عم
1948؛ فالخدمات الصحية والتعليمية لا تزال تراوح مكانها.
أوضاع اللاجئين
داخل المخيمات الفلسطينية المنتشرة في الأردن التي تبلغ 13 مخيماً تشتكي وضعاً صحياً
وتعليمياً صعباً، على الرغم من الرعاية التي تقدمها وكالة الغوث الدولية ولجنة تحسين
خدمات المخيم التي تتبع لدائرة الشؤون الفلسطينية.
نسلط الضوء على
حجم المعاناة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون من الخدمات والتعليم وغيرها من الجوانب
الاجتماعية داخل المخيم.
على لسان
أهالي مخيم غزة لا شيء جديد غير الشكوى من الفقر والبطالة التي انتشرت في المخيم.
مخيم غزة الذي
يقع في مدينة جرش شماليّ العاصمة الأردنية عمان تأسس كمخيم للطوارئ في عام 1968 لإيواء
11500 لاجئ فلسطيني ونازح غادروا قطاع غزة نتيجة حرب 1967. وهو يعرف محلياً باسم مخيم
"غزة".
يغطي المخيم
مساحة من الأرض تبلغ 0.75 كيلومتر مربع. وبعد عام 1967، قامت الأونروا بتأسيس منشآت
من أجل المعونة الغذائية والخدمات الصحية والتعليم.
وبين عام
1968 وعام 1971، أُنشئ ألفا مسكن بدعم من تبرعات الطوارئ. وعلى مرّ السنين، قام العديد
من سكان المخيم باستبدال المساكن الجاهزة بمساكن إسمنتية أكثر متانة. ولا تزال العديد
من الأسقف مبنية من ألواح الزنك والإسبست، ما يمكن أن يسبب بعض الأمراض، كالسرطان.
وبحسب إحصاءات
الأونروا، يعيش في المخيم أكثر من 24 ألف لاجئ، وتعمل أربع مدارس في مبنيين يعملان
بنظام الفترتين.
المخيمات الفلسطينية
تعاني عدة مشاكل، منها الازدحام السكاني والفقر والبطالة وغياب المساحات الخضراء. والعديد
من المساكن في حالة سيئة وبحاجة إلى ترميم وإعادة تأهيل. إضافة إلى ذلك، الوظائف غير
منتظمة من دون برامج ضمان اجتماعي أو تأمين صحي.
ورغم صعوبة
الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها اللاجئون، إلا أن المساكن تهالكت جراء أمطار الشتاء،
وعمل العديد من اللاجئين على إعادة صيانتها على النفقة الشخصية.
مخيم الزرقاء هو المخيم الأقدم
للاجئين الفلسطينيين في الأردن، وهو واحد من أربعة مخيمات أُسِّست في البلاد لإيواء
اللاجئين الذين غادروا فلسطين نتيجة الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948م.
أنشأت اللجنة
الدولية للصليب الأحمر المخيم بالقرب من مدينة الزرقاء في عام 1949، وعمل في الأساس
على إيواء ما مجموعه 8 آلاف لاجئ فوق مساحة من الأرض تبلغ 0.18 كيلومتر مربع. ويعاني
المخيم من المساكن القديمة التي بحاجة إلى رفع سويتها ومن معدل بطالة عالٍ، إضافة إلى
أن شبكة الصرف الصحي بحاجة إلى رفع سويتها، واللاجئون يعيشون في بيوت مستأجرة.
ومع انطلاق العام
الدراسي الجديد في الأردن، بدأ أكثر من 117 ألف طالب وطالبة يدرسون في مدارس الوكالة
معاناتهم مع تقلص حجم الخدمات وتردي الأوضاع التعليمية.
وتعمل وكالة
الغوث على تزويد الطلاب بالكتب والمقررات والمستلزمات الدراسية في جميع مدارس الوكالة
التي تلتزم مناهج وزارة التربية والتعليم الأردنية ومقرراتها وتعليماتها، بما في ذلك
ساعات الدوام والعطل والإجازات الدراسية.
وتقدم الأونروا
التعليم الأساسي (الابتدائي والإعدادي) لأبناء اللاجئين الفلسطينيين من خلال 172 مدرسة
تعمل غالبيتها بنظام الفترتين وتضم كادراً يتكون من أكثر من ستة آلاف موظف بين معلم
ومشرف تربوي وإداري.
وتواجه مدارس وكالة
الغوث تحديات من حيث البيئة المدرسية، وتتمثل أهم المشكلات في اكتظاظ الصفوف وبروز
مشكلة "الصفوف الطيارة" أي عدم توافر غرف صفية لعدد لا بأس به من الطلاب،
حيث يتنقل الطلاب من صف إلى آخر أو إلى الساحة أو إحدى الغرف الفارغة لأخذ الحصة، هذا
بالإضافة إلى فقر المرافق الأخرى في المدرسة، سواء الصحية أو التثقيفية.
وتقوم الأونروا
في الأردن بإدارة ما مجموعه 172 مدرسة توفر التعليم الأساسي من الصفوف الأول وحتى العاشر
لنحو 124 ألف طالب وطالبة. وتقوم الأونروا أيضاً بتدريب أكثر من 600 معلم ومعلمة سنوياً
على المستوى الجامعي. ويوفر كل من مركز تدريب عمّان ومركز تدريب وادي السير برامج التدريب
المهني لما يزيد على 1300 طالب وطالبة.
في سياق متصل،
تحدثت اللجنة العليا للدفاع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين في الأردن أخيراً عن
أن أكثر من 60 في المئة من سكان المخيمات في الأردن يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من
45 في المئة منهم عاطلون من العمل، وأكثر من 76 في المئة من اللاجئين ليس لديهم ممتلكات
في أماكن لجوئهم، ونحو 60 في المئة من عائلات اللاجئين يبلغ عدد أفرادها أكثر من 8
أشخاص.
وأشارت اللجنة
في مذكرة وجهها وجهاء اللاجئين في المخيمات إلى المفوض العام لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين
(الأونروا) تناولت تقليص الخدمات التي تقدمها الوكالة للاجئين إلى أن إجراءات الخفض
أصابت برامج التعليم، حيث تراجع معدل كلفة التلميذ من 330 دولاراً إلى أقل من 200 دولار،
وانعكس أيضاً على موضوع الكتب المدرسية الصالحة؛ إذ إن هناك توجهاً لدى الإدارة الحالية
إلى عدم تسليم الطلاب في مدارس الأونروا الكتب المدرسية للعام المقبل.
وأشارت المذكرة
إلى أن الإدارة الحالية استبدلت هذا الإجراء بتمديد مدة استخدام الكتب القديمة لمدة
ثلاث سنوات تحت ذريعة العجز المالي، ما سيؤدي إلى عزوف الطلاب عن الالتحاق بمدارس الأونروا،
وبالتالي إلى تقليص عدد المعلمين والإداريين في مدارس الوكالة.
وبحسب اللجنة،
انعكس ذلك على عدم تزويد مدارس الأونروا بالتجهيزات المخبرية العلمية الكافية، وعلى
عدم تزويدها بأعداد مناسبة من أجهزة الحاسوب، وعدم تزويدها بأدوات التربية المهنية
أسوة بمدارس الدول المضيفة.
وأثر ذلك
أيضاً على الاستمرار في نظام الفترتين (الصباحية والمسائية) المعمول به في مدارس الأونروا،
علماً بأن أكثر من 92 في المئة من مدارس الأونروا تعمل بنظام الفترتين في الأردن، ما
أدى إلى زيادة العبء على المعلمين والعاملين في الأونروا، وأدى إلى زيادة عدد الطلاب
في الصف الواحد إلى أكثر من 50 طالباً في الصف الواحد في كثير من مدارس الأونروا.
وأشارت "حق
العودة" إلى الخفوضات في برنامج الخدمات الصحية، التي أدت إلى تراجع الكلفة المتواضعة
لكل لاجئ، ما أدى إلى تراجع حاد في هذه الخدمات الصحية، وبلغت هذه الكلفة نحو 6.1 ملايين
دولار سنوياً، وهي نسبة ضئيلة جداً، وذلك وفقاً لتقارير مدير الصحة في وكالة الأونروا،
فضلاً عن أن الطبيب المعالج في عيادات الأونروا يعالج أكثر من 100 مريض يومياً في معظم
عيادات الأونروا.
وتزداد معاناة
الفلسطينيين الذين لا يحملون الجنسية الأردنية، وتحديداً من أطلق عليهم "أبناء
قطاع غزة" ويعيشون في المخيمات في عدة أمور، منها:
1. يمنع العمل في القطاع العام.
2. لا تمنح مزاولة مهنة طبيب أسنان، مهندس زراعي، محامي، صيدلاني، محاسب
قانوني، وفقاً لقرارات من النقابات المهنية. وهناك صعوبة في الحصول على مزاولة مهنة
للممرضين.
3. لا يمكن تسجيل مشروع (الحصول على سجل تجاري) خارج المخيم؛ إذ يُطلب
الحصول على موافقة من رئاسة الوزراء، ومن النادر جداً الحصول عليها.
4. لا يمكن العمل في بنوك (تُطلب موافقة أمنية لا يحصلون عليها).
5. صعوبة العمل في المدارس الخاصة (الحاجة إلى موافقة أمنية).
المصدر: مجلة
العودة ــ العدد ــ 51/كانون الأول / 2011
|