رحلة
عائد: الأونروا..تحت المجهر
سامي
حمود
يعتقد
الكثير من الناس أن جوهر المشكلة مع وكالة "الأونروا" يكمن في نقص التمويل
لديها، مما يجعلها تنتهج سياسة تدريجية في تقليص خدماتها، الذي ينعكس سلباً على واقع
العائدين الفلسطينيين في أماكن لجوئهم الخمسة. هذا الأمر هو ما تدّعيه دائماً جميع
إدارات "الأونروا" من نيويورك إلى عمان إلى بيروت، ولكن الأمر الذي يعلمه
البعض من المدركين والحريصين على مصالح الشعب الفلسطيني، هو أن المشكلة الأساسية مع
"الأونروا" تكمن في سياستها الخارجية التي تحاول أن تلعب الدور الخبيث الذي
فشلت فيه بعض الدول الغربية والأنظمة العربية، والمحاولات المتكررة لتصفية قضية اللاجئين
الفلسطينيين وشطب حق العودة نهائياً من قاموسهم وفرض مشروع التوطين والتهجير عليهم
بالقوة.
لذلك
نرى وكالة "الأونروا" تتبع سياسة تقليص الخدمات بشكل تدريجي وتدمير واقع
العائدين الفلسطينيين من خلال تجهيل الشباب الفلسطيني وإيصاله لمرحلة القبول بأي شيء
يُعرض عليه، وأيضاً جعل المخيمات والتجمعات الفلسطينية بيئة غير صالحة للعيش والعمل
مع ازدياد نسب الظواهر الاجتماعية السيئة فيها.
الفلسطينيون
بدأوا يدركون حقيقة هذا الأمر، إذ باتوا يشعرون أن خدمات "الأونروا" في وقت
ما لن تُقدّم لهم كالمعتاد قبل أن تتحقق أمانيهم بالعودة إلى قراهم ومدنهم الأصلية
في فلسطين.
وليس
هذا فحسب، بل إن مخاطر إنهاء "الأونروا" لن يكون مقتصراً على الخدمات والمساعدات
التي تُقدّمها للناس، وإنما أيضاً سيؤثر بشكل كبير على البنية الاقتصادية للمجتمع الفلسطيني.
إذ إن عدداً لا بأس به من الفلسطينيين هم موظفون في مراكز ومؤسسات "الأونروا"
الموجودة في أماكن عملها الخمسة. مع العلم أن هؤلاء الموظفين لم يسلموا من أذى سياسة
"الأونروا"، حيث أنهم باتوا لا يُحسدون على وظيفتهم كما كانوا يُحسدون عليها
في السابق. السبب في ذلك هو تدني الرواتب التي يتقاضونها قياساً مع أجور الموظفين الأجانب
في الوكالة نفسها، وقياساً مع أجور الموظفين في المرافق العامة للدولة اللبنانية، وقياساً
مع أجور الموظفين في المؤسسات الدولية الأخرى، وأيضاً قياساً مع غلاء الأسعار في لبنان.
فالمطلوب
اليوم، أن تتكاثف كل الجهود الفلسطينية المتمثلة بتحركات مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني
واللجان الأهلية والشعبية، وأيضا جهود اتحاد الموظفين في الوكالة، لتلتقي حول برنامج
مطلبي فلسطيني واحد يرتكز على التمسك بوكالة "الأونروا" كشاهد دولي على نكبة
فلسطين ومسؤوليتها الإنسانية تجاه الفلسطينيين في الاستمرار بتقديم خدماتها في أماكن
اللجوء الخمسة، وأيضاً العمل على إصلاحها من الفساد الإداري والمالي المستشري في مرافقها
وإداراتها العامة، وإنصاف الموظفين العاملين فيها ومعاملتهم كباقي الموظفين الأجانب.
المصدر:
البراق – بصراحة – تشرين الثاني 2011
|