من تداعيات مسيرة العودة في 15 ايار 2011 :لوحة "البستنجي" تقض مضاجع الاحتلال هم 13 فرداً يمثلون عائلة فلسطينية من مدينة يافا، يمتلكون واحدة من بيارات فلسطين الكثيرة، الجد والجدة والأبناء والأحفاد، جميعهم يرتدون اللباس التراثي الفلسطيني، خلف العائلة تبدو شجرة مثمرة تتدلى منها حبات البرتقال اليافاوي الذي لا يزال محل استقطاب مختلف دول العالم.
إذاً هي لوحة "البستنجي" التي لم يكن ليكترث لها أحد قبل مسيرة العودة في 15 ايار 2011، طبعا فالحدث جلل وما بعد الحدث ليس كما قبله، هي "حرب التحرير الفلسطينية" كما قال عنها شلومو غازيت، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية وللوكالة اليهودية، وهي حسب الرئيس الأسبق لديوان اسحاق رابين ايتان هابر "السلاح الكمّي – أي آلاف اللاجئين - الذي سيتحول الى نوعي ستستصعب الدولة العبرية مواجهته، وبأن إحياء الذكرى الـ 63 للنكبة وبحق بداية عهد جديد في الصراع بين إسرائيل والعرب".
رسم لوحة "البستنجي" الفنان بوكبزا الذي استند في لوحته على صورة كان قد التقطها الفنان الأرمني اليهو قهوجيان في العام 1939 لعائلة فلسطينية من يافا كما ذكرت وسائل الاعلام. وقد عقب بوكبزا قائلاً بأن "هدفه ليس الإثارة وإنما يحمل أجندة سياسية وفكراً مشروعاً، وأنه يسعى لإعادة الذاكرة إلى حقيقة تم تغييبها وحجبها". المفارقة ان اللاجئ الفلسطيني حسن حجازي الذي نجح باختراق الشريط الفاصل بين مدينة مجدل شمس السورية المحتلة والاراضي السورية الى الاراضي الفلسطينية المحتلة في مسيرة العودة في 15 ايار 2011، أيضا من مدينة يافا وتحدث من مدينته قائلا "لا أومن بالقضاء الاسرائيلي ولا اعترف باسرائيل"، ولو كان ابن يافا المرحوم شفيق الحوت على قيد الحياة، ايضاً لكان له موقفاً فاصلاً و63 سنة على احتلال يافا.
سارع قادة اليمين الإسرائيلي للمطالبة بإزالة اللوحة من على جدران الكنيست، لأنها باتت "تخلد النكبة الفلسطينية" و "تؤكد الرواية الفلسطينية" كما يقول عضو الكنيست من "الاتحاد القومي" اليميني ارييه إلداد، فقد بات أعضاء الكنيست ملزمون للنظر إليها في كل لقاء، لكن المرات القادمة ستختلف عن المرات السابقة، فاليوم لوحة "البستنجي" تذكرهم ببطولات مارون الراس ومجدل شمس وغزة، وتظاهرات الأردن ومصر والضفة وداخل 48 والتضامن العالمي، وبأن اللاجئ قد أصبح على مشارف العودة، تذكرهم بان شخوص العائلة في اللوحة ستخرج اليهم يوما ما، تذكرهم بالجرائم التي ارتكبوها بحق الفلسطينيين الآمنين العزل في يافا وعكا وحيفا وصفد والناصرة..، هي اللعنة التي ستلاحقهم في يقظتهم، في نومهم وفي احلامهم، عيون أصحاب الأرض تحدق بهم، تلاحقهم كيفما تحركوا، تطالب بمقاضاتهم، تطالبهم بالرحيل، تسألهم التعويض عن 63 سنة من معاناة اللجوء، تطالبهم بتطبيق حق عودتهم، وبتحملهم لمسئولياتهم عن جرائم التطهير العرقي التي مورست بحقهم وترحيلهم قسرا عن بلدههم ...
"رسالة مسيرة العودة قد وصلت الى كافة ارجاء المعمورة وفي أكثر من اتجاه بان اللاجئين في الشتات قد باتوا اليوم أشد إصراراً على تقديم الغالي والنفيس في سبيل عدم التخلي عن حقوقهم المشروعة وفي المقدمة منها حقهم في العودة" يقول ماجد الزير مدير عام مركز العودة الفلسطيني في لندن في لقاء اجرته معه قناة الجزيرة مساء 15 ايار 2011. ولعل الرسالة الأبلغ قد وصلت الى الاحتلال نفسه خاصة بعد تصريحات نتنياهو وفيلتمان واوباما... هما مشهدان يختصران القصة برمتها، عودتنا باتت على بعد امتار، وعودتهم ايضا باتت على بعد امتار لكن في الاتجاه المعاكس..
لوحة "البستنجي" قالت كلمتها وباسم اكثر من ستة ملايين لاجئ... ثمن العودة ليس اقل من الشهادة..
المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والإستشارات.