تحرّكات مدروسة ضدّ «الأونروا»

لم يحن وقت التصعيد بعد. حتى الآن، لا تزال خطة
التحرّك ضد «الأونروا» لدعوتها إلى مساعدة النازحين الفلسطينيين من مخيم اليرموك «مدروسة»
وتقتصر على التحركات في المناطق. أمس، كان «دور» مخيمات الشمال والبقاع. واليوم، النهاية.
وما لم تتحرك الوكالة في الوقت الممنوح لها، ستكون الخطوة التالية أمام مقرّ الرئاسة.
في هذا الوقت، أقيم مخيم للنازحين في بلدة المرج
راجانا حمية, عبد الكافي الصمد, أسامة القادري
4 عائلات من النازحين الفلسطينيين من مخيم
اليرموك في سوريا «طبّت» في ليلة واحدة على بيت الغرفة الواحدة في برج البراجنة. ليس
في اليد حيلة إلا الاستقبال، فهم «ضيوف»، يقول صاحب البيت أبو ابراهيم. قد يستطيع هذا
الرجل تحمّل هذا العدد لمدة أسبوع أو أسبوعين، ولكن ماذا لو طالت الإقامة أكثر؟ ماذا
سيفعل حينها؟ من أين سيأتيهم بقوت يومهم، وهو بالكاد قادر على تأمين قوته؟ كل هذه الأسئلة
تجرّ أبو ابراهيم وغيره من اللاجئين الذين يستضيفون لاجئين آخرين، نزحوا في الأيام
الماضية من مخيم اليرموك في سوريا، إلى السؤال الأساس: أين هي «الأونروا؟»
هذا السؤال الذي لا جواب عنه إلى الآن، دفع الفلسطينيين
_ «لبنانيين وسوريين» _ إلى البدء بتحركات ضد «الأونروا»، كانت انطلاقتها من الجنوب
وبعدها بيروت. أمس، كانت المحطة الثالثة منها في الشمال والبقاع.
فقد استطاع النازحون الفلسطينيون في البقاعين الغربي
والأوسط، رغم الطقس الماطر، التجمّع أمام مكتب «الأونروا» في تعلبايا. وقدموا مذكرة
الى مدير مكتب الأونروا في البقاع الأوسط أحمد نور، قال أمين سر اللجنة الشعبية عبد
الرحيم عوض إنها للمطالبة بتشكيل خطة طوارئ، تبدأ من تحويل موازنة النازحين الفلسطينيين
في سوريا إليهم في لبنان، مشيراً إلى وجود 850 عائلة فلسطينية سورية نازحة في البقاعين
الأوسط والغربي.
هذه التحركات «المدروسة»، حسب ما يقول ذيب العطعوط،
عضو اللجنة الشعبية في مخيم برج البراجنة، تأتي «نتيجة وقوف الأونروا موقف المتفرّج
على ما يجري، فحتى هذه اللحظات لم تتحرك الوكالة لمساعدة الهاربين، وكل ما تواجهنا
به أنها تنتظر السيولة من الدول المانحة». وهو ما ترفضه الوكالة، على اعتبار أنها وزّعت
في وقتٍ سابق للنازحين «القدامى»، فيما تقوم اليوم بتوزيع مساعدات للجدد «حسب الأولويات،
وقد بدأت الوكالة بالنازحين إلى مخيمات البقاع، بسبب الطقس البارد، حيث أعطت لكل شخص
50 دولاراً أميركياً بدل ثياب ووسائل تدفئة، ومن المفترض أن تستأنف المساعدات في باقي
المخيمات»، تقول المسؤولة الإعلامية هدى السمرا. ومن المتوقع أن تصل في غضون اليومين
المقبلين مساعدات من الدول المانحة، من دون ذكرها، بانتظار الإعلان الرسمي لتلك الدول
«الأولى هي عبارة عن مبلغ 25 دولاراً أميركياً لكل شخص بدل أكل، والثانية هي عبارة
عن مبلغ مقطوع
cash money قد يساعده في إقامته في بيت المضيف أو في
استئجار منزل على حدة»، تتابع. وتذكّر السمرا بالمساعدات التي وزّعتها الأونروا على
النازحين الآتين منذ يومين «وهي عبارة عن حرامات وفرش وأطقم الصحة الشخصية».
هي قصّة أولويات إذاً. هذا ما تقوله السمرا، أما
اللاجئون فلا «يعنيهم» هذا الأمر. ما يعنيهم هو التدخل «المتوازي» في كل المخيمات من
أجل مساعدة النازحين. وفي حال عدم تجاوب «الأونروا» مع هذه التحركات، يشير ممثلو اللجان
الشعبية في عموم المخيمات إلى «تنظيم تحرك أوسع أمام رئاسة الأونروا».
وبانتظار التحرك «الفعلي» لـ«الأونروا»، كما يقول
هؤلاء، ستبقى «نخوة أهلنا في المخيمات هي الضمانة كي لا ينام نازحو اليرموك في الشوارع»،
يقول مسؤول الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين في الشمال أركان بدر، واصفاً أوضاع الواصلين
مؤخراً إلى مخيّمي البداوي والبارد.
فمنذ يوم الاثنين الماضي، بدأت «طلائع» العائلات
النازحة من اليرموك تصل إلى مخيمي الشمال، وقد بلغ العدد حتى الآن 110 عائلات، وفق
«إحصاء» اللجنة الشعبية في كلا المخيمين، عدا عن عائلات أخرى وصلت إلى الشمال ولم يتم
تسجيلها لأنها نزلت في ضيافة أقارب لها.
مشهد وصول نازحي سوريا إلى مخيم البداوي الصغير
والمكتظ، جعل البعض منهم يعلّق آسفاً «نازحون يحلّون ضيوفاً على نازحين، افرحوا يا
عرب». وقد يأتيهم في الأيام المقبلة آخرون «هم الآن عالقون عند الحدود لأنهم لا يملكون
بدل الدخول إلى لبنان»، يتابع بدر.
هذه الأزمات المتلاحقة دفعت أهالي الشمال، على غرار
ما جرى في بيروت والجنوب، إلى الاعتصام أمس أمام مكتبي مديري الأونروا في مخيمي البداوي
والبارد، مطالبين بوضع خطة طوارئ شاملة لمساعدتهم «إغاثة وصحة وإسكان».
وكان وفد من «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان،
برئاسة فتحي أبو العردات، قد زار أمس وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور وعرض معه
أوضاع الفلسطينيين النازحين من مخيم اليرموك في سوريا. وطلب الوفد من أبو فاعور أن
«تتحمل الأونروا مسؤولياتها لأنها هي المسؤولة المباشرة عن الفلسطينيين، سواء كانوا
في سوريا أو تهجروا منها». أبو العردات تحدّث عن أكثر من أربعة آلاف عائلة لجأت من
مخيم اليرموك إلى المخيمات والتجمّعات الفلسطينية «معظمها لا منازل تؤويها»، كاشفاً
أن المنظمة عملت على أن لا تصل معظم العائلات التي تركت اليرموك إلى لبنان، وقد وصل
إليه 1100 عائلة فقط
».
كذلك كان الوفد قد التقى أول من أمس رئيس لجنة الحوار
الفلسطيني _ اللبناني خلدون الشريف «وطرحنا ألا تكون المعايير مزدوجة في التعامل مع
المهجرين. كما نطالب المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته. كذلك مطلوب من جامعة الدول العربية
والأشقاء العرب أن يتحركوا في هذا المجال وسريعاً».
وليس بعيداً عن النازحين، فقد أقامت بلدية المرج،
بالتعاون مع هيئة الإغاثة الإسلامية السعودية، مخيماً في بلدة المرج مساحته نحو 7 آلاف
متر، ضم 41 خيمة، و22 حماماً، وقد جهزت الخيم بالتدفئة والفرش والسجاد والكهرباء وذلك
بهدف استقبال النازحين الى حين إيجاد مساكن لهم. رئيس بلدة المرج عماد شمور لفت الى
أن هذه الخطوة جاءت بعدما «أصبحنا نشاهد حالات مبيت في العراء وأمام المساجد».
شارك في التغطية: راجانا حمية، عبد الكافي الصمد،
أسامة القادري
جريدة الاخبار، 21/12/2012
|