منظمة ثابت لحق العودة
 
الصفحة الرئيسية من نحن إتصل بنا
حراك ثابت
أخبار ثابت
بيانات ثابت
حراك إعلامي
إصدارات ثابت
محطات على طريق العودة
تقارير ثابت الإلكترونية
إبداع لاجئ
أرشيف ثابت
صدى اللاجئين
حملة انتماء
حملة العودة حقي وقراري
مبادرة مشروعي
مقالات العودة
تقارير وأبحاث
انضم لقائمة المراسلات
 
 
صفحتنا على الفايسبوك
عضوية منظمة ثابت في إتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي
 

في مخيم برج البراجنة: المعاناة لا تنال من سحر «رمضاننا»

زينة برجاوي

إنها السادسة مساءً. يتأهب سكان مخيم برج البراجنة، وخصوصاً النساء من بينهم، للتحضير لوضع مائدة الإفطار. فهناك أقلّ من ساعتين على موعد رفع أذان المغرب، وتبدأ ربات المنازل بوضع اللمسات ألأخيرة على ما أعددن قبل وقت قصير من قرب إطلاق المدفع. ولكن لماذا لم يبدأن عملهن «المطبخي» منذ الصباح؟. يثير السؤال استفزاز النساء اللواتي يؤجلن الدخول إلى المطبخ، إلى وقت قريب من موعد الإفطار، بسبب الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، وعدم قدرتهن على تخزين المواد الغذائية واللحوم على أنواعها. فثلاجات التبريد فارغة حتى من العصائر والفاكهة، التي في حال توفرت مساءً، كونها ستُتلف صباح اليوم التالي.

أمام مدخل أحد المنازل الواقع في أزقة المخيم، تجلس سيدة مسنةّ على «طبلية» صغيرة لتتولى فرز حبيبات «الكمّون». تسرع في عملها قبل غياب الشمس للاستفادة من ضوء النهار. وهذه عادة فلسطينية تعتمدها تلك السيدة، وغيرها كل عام خلال شهر رمضان، حيث تتولى طحن «الكموّن» بنفسها لإضافته الى بعض الأطباق الفلسطينية. تشبه الحياة داخل المخيم قصص الملك «شهريار» و«ألف ليلة وليلة». وفي المخيم الآلاف من اللاجئين ولكل لاجئ قصته الخاصة.

تجتمع عائلة «عوض» المؤلفة من ثلاثة إخوة مع زوجاتهم وأولادهم، يومياً على مائدة الأخ البكر. هنا يحضرون ما تيسّر من طعام يكفي عدد الحاضرين كي لا يبقى منه لليوم التالي.

تقول هيام، وهي زوجة أحدهم: «إن انقطاع التيار الكهربائي دائم، ولا يستطيع الاخوة تكفّل مصاريف الاشتراك بالمولد الكهربائي، فوقع الاختيار على توزيع خدمة اشتراك «خمسة أمبير، على المنازل الثلاثة، من دون تشغيل الثلاجات». وعن أنواع المأكولات التي تحضر على المائدة، تلفت هيام إلى أنها تشتهي تحضير الأطباق الفلسطينية كـ«المغربية» و«البِصارة» و«المنزّلة»، إلا أن الجيل الصاعد «لا يستغني عن الأسكالوب والهامبرغر».

لا تغيب تلك الأجواء عن منزل وفاء التي تتقاسم المأكولات مع أخواتها حتى «البقدونس»، للأسباب عينها. تحولت ثلاجة وفاء في المنزل إلى «ديكور»، بعدما راحت تستعمل ثلاجة والدتها لتخزين المأكولات. تجزم وفاء أن «رمضاننا مميز في المخيم». وتعزو سبب تميزه إلى حقيقة «ما في كهرباء، وما في حياة». ومع ذلك ستجد في المخيم من حضر من الدانمارك لقضاء شهر رمضان بين عائلته. هي حال ابراهيم الذي يأتي سنوياً إلى لبنان لزيارة أسرته حيث يحظى بفرصة عيش الأجواء الرمضانية التي يفتقدها في بلد الاغتراب. يضحك إبراهيم حين يؤكد عدم تذمره من الانقطاع الدائم للكهرباء والمياه، بل يستمتع بمشهد أفراد عائلته وجيرانه وهم يصرخون «أين الكهرباء؟». فبرغم «نعيم الدانمارك» يحنّ إبراهيم إلى الحياة في المخيم بحلوها ومرّها، وإلى رائحة فلسطين فيه.

إنها المرة الأولى التي تمضي فيها ديما أسود «شهر رمضان» خارج وطنها الأم سوريا. وكانت ديما قد نزحت مع زوجها وطفليها من إدلب إلى لبنان منذ سبعة أشهر، هرباً من الأوضاع الأمنية هناك. وفضّلت ديما العيش داخل المخيم بين اللاجئين الفلسطينيين، كي لا تتعرض وزوجها إلى المضايقات خارجه «لأننا سوريون». يبيع زوجها الخضار لتأمين تكاليف إيجار المنزل التي تبلغ أربعمئة دولار أميركي، وهو «رقم مبالغ فيه كبدل لإيجار منزل في المخيم»، برأي ديما، إلا أن «جيرة الفلسطينيين وحسن معاملتهم تغني عن كل شيء»، ويبقى لـ «رمضان إدلب» محبة خاصة وحنين في قلب ديما. أما عائلة منصوري التي نزحت من درعا إلى لبنان، ففضلت العيش في المخيم «لأنو أرخص شي». واعتادت العائلة أجواء المخيم، خصوصاً أنها قررت الاستقرار فيه بعدما فقدت منزلها في درعا. تلفت الزوجة إلى أن أطفالها «لا يغادرون المنزل، ويشتاقون إلى درعا وإلى أصدقائهم هناك». و شهر «رمضان» بالنسبة لها، هو «لمّ شمل العائلة»، إلا أن حرب سوريا أبعدتها عن هذه العائلة، إلى أجل غير مسمى.

وفي المخيم، تعبق راحة الحلويات الفلسطينية الخاصة بشهر رمضان، وهناك من يزاول مهنة «الحلونجي» فقط خلال الشهر الكريم. وطبعاً لن ننسى»مسحراتي المخيم»، صلاح زيد الذي ورث المهنة عن أبيه، لكنه قرّر اعتزالها في العام الحالي، بسبب تعرضه للمضايقات من «شباب زعران» كلما صاح «يا نايم وحّد الدايم».

السفير،26/07/2012


 
جديد الموقع: